منتدي النيل (محمد ابواليزيدصالح)
اهلا وشهلا زائرنا الكريم انت لن تقوم بتسجيل عضويتك في المنتدي للسجيل اضغط علي الزر التسجيل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي النيل (محمد ابواليزيدصالح)
اهلا وشهلا زائرنا الكريم انت لن تقوم بتسجيل عضويتك في المنتدي للسجيل اضغط علي الزر التسجيل
منتدي النيل (محمد ابواليزيدصالح)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» فوائد قشر الليمون
حوار هادى مع الشيخ الغزالي Emptyالأحد نوفمبر 19, 2023 5:22 am من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى

» المرأة الخمسينية والستينية
حوار هادى مع الشيخ الغزالي Emptyالسبت نوفمبر 18, 2023 1:58 pm من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى

» فقد الثقة في العلاقات الانسانية
حوار هادى مع الشيخ الغزالي Emptyالسبت نوفمبر 18, 2023 2:30 am من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى

» العدل اساس الحكم
حوار هادى مع الشيخ الغزالي Emptyالثلاثاء مايو 09, 2023 6:19 am من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى

» صور من التراث الإسكندرية
حوار هادى مع الشيخ الغزالي Emptyالثلاثاء مايو 09, 2023 5:59 am من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى

» حدوته اسيوطية
حوار هادى مع الشيخ الغزالي Emptyالإثنين مايو 08, 2023 3:32 pm من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى

» الديون المعنوية
حوار هادى مع الشيخ الغزالي Emptyالإثنين مايو 08, 2023 7:29 am من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى

» عتمة ليل الجهالة
حوار هادى مع الشيخ الغزالي Emptyالإثنين مايو 08, 2023 7:23 am من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى

» حديث القلوب
حوار هادى مع الشيخ الغزالي Emptyالإثنين مايو 08, 2023 7:18 am من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى

مكتبة الصور


حوار هادى مع الشيخ الغزالي Empty
التبادل الاعلاني

حوار هادى مع الشيخ الغزالي

اذهب الى الأسفل

حوار هادى مع الشيخ الغزالي Empty حوار هادى مع الشيخ الغزالي

مُساهمة من طرف محمدابوليزيدصالح الشرقاوى الأربعاء سبتمبر 22, 2010 2:57 am

[color=blue][color=red]حــوار هادئ مع الشيخ الغـزالي
بسم الله الرحمن الرحيم


تمهيد :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:

* فإن مصطلح " الفكر الإسلامي" يطلق علي ذلك الفكر الجوّاب في أنحاء الحياة المختلفة، والذي يحاول إيضاح هدى الإسلام في شتى شئون الحياة ومجالاتها السياسية، والاقتصادية، والعلمية والاجتماعية والنفسية والفنية.. وغيرها.
وهو إنتاج غزير ثري متنوع، وثمت علماء ومفكرون كثر لهم قدم راسخة في ميدان الدعوة والإصلاح.


* ومن أبرز هؤلاء العلماء ( الشيخ محمد رشيد رضا وهو صاحب المنار، ثم الشيخ حسن البنا- والمودودي - والندوي- وآل قطب- ومحمد البهي- ومحمد المبارك- والسباعي- والشيخ عبد الرحمن الدوسري.. وغيرهم كثير كثير).


* وهذا الإنتاج الثر الغزير يحتاج إلي غربلة وتصحيح إذ أنه نتاج العقل والنظر، وليس وحياً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والفكر لا يقف عند حد معين لا يتعداه، لا يقف عند هذا الحد إلا حين تتعطل العقول وتضعف المدارك، فيصبح هم القارئ هو التلقي والتسليم دون جدل أو مناقشة.
ومن المفكرين المعاصرين المكثرين في مجال التأليف، والكتابة الشيخ/ محمد الغزالي، الداعية المعروف.


* ولعل من المناسب أن أعرض جوانب بسيطة وسريعة من حياة هذا الرجل، فقد ولد سنة 1917م في قرية اسمها (نكلا العنب) بمحافظة البحيرة من مصر وتلك القرية هي القرية نفسها التي ولد فيها الشيخ/ سليم البشري، شيخ الأزهر والشيخ/ محمد عبده، والشيخ/ محمود شلتوت، وهو أحد مشايخ الغزالي وكذلك محمد البهي.
ومعنى ذلك أن عمر الغزالي يقارب (72) سنة الآن، وقد التحق بكلية أصول الدين بعدما تخرج من المعهد الديني في جامعة الأزهر وتخصص بالدعوة، وحصل علي درجة التخصص في التدريس وهي تعادل درجة الماجستير وذلك من كلية اللغة العربية.


* قضى نحو نصف قرن بين الإمامة والخطابة والتدريس في مساجد وزارة الأوقاف المصرية، وتولي إدارة المساجد وإدارة الدعوة بوزارة الأوقاف نفسها، وقام الشيخ بالتدريس في عدد تمن جامعات العالم الإسلامي- بدءا بجامعة الأزهر ثم جامعة الملك عبد العزيز وجامعة أم القرى، وكذل جامعة قطر. وأخيراً تولي منصب مدير جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية بالجزائر، ثم حدثت له أزمة صحية اضطرته إلي الراحة ومن ثم ترك الجامعة.


* شهد مؤتمرات كثيرة وألف عدداً كبيرا من الكتب يقارب الخمسين كتاباً من أشهرها:
خلق المسلم - عقيدة المسلم- فقه السيرة- ظلام من الغرب- من معالم الحق- كيف نفهم الإسلام- مع الله - معركة المصحف- الجانب العاطفي من الإسلام- دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين- ركائز الإيمان- قذائف الحق- الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر الهجري- دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين- مشكلات في طريق الحياة الإسلامية - هموم داعية - مائة سؤال حول الإسلام- مستقبل الإسلام خارج أرضه وكيف نفكر فيه؟ قصة حياة - وأخيرا ( السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث).


* هذا الكتاب - السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث- أثار ضجة كبيرة ودويا في الأوساط الصحفية، وقد حاز الشيخ علي جائزة الملك فيصل العالمية في مجال خدمة الإسلام، وقامت كثير من الصحف بمقابلته والحديث عنه والحديث عن مؤلفاته في مصر والسعودية وغيرها..
ومن هذه المجلات والصحف - اليمامة وجريدة الشرق الأوسط وجريدة المسلمون وزهرة الخليج ومجلة الدعوة السعودية، والمجتمع، والشرق السعودية، والأهرام، وغيرها كثير.


* وأبرز القضايا التي يعالجها الشيخ في كتاباته ودروسه تتحدث عن مجموعة موضوعات مهمة منها:


* الدفاع عن قضايا الإسلام ضد خصومه من المستشرقين والمستغربين ودحض مزاعمهم ضد شريعة الإسلام.


* ومنها عرض الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والخلقية والعقدية للإسلام كما يفهمها
المترجم.


* ومنها العناية بمسألة إيصال الإسلام إلي البشرية كلها شرقها وغربها، والعمل علي تحقيق مكاسب للدعوة الإسلامية في أوروبا وأمريكا وغيرها من بلاد العالم، وهذا هم كبير يسيطر علي المؤلف ويؤثر في كثير من آرائه وتوجهاته.


* ومنها معالجة أمراض المسلمين المزمنة أو كما يسمونه ( النقد الذاتي) بما في ذلك أمراض الدعاة وذلك بأسلوب ساخر يجعلك تشعر بمدى الانفعال الذي يحمله الشيخ وهو يطلق كلماته وسهامه هنا وهناك، وقد يعبر عن ذلك من خلال طرفة أو نكتة يرويها ويرى أنها مفيدة!.


* ومن الموضوعات التي يطرقها موضوع الوحدة الإسلامية وإزالة العقبات التي تعترض طريقها.


* وقبل الدخول في الموضوع أشير إلي سؤال يطرح كثيرا: لماذا المراجعة؟ لماذا نراجع كتب الفكر الإسلامي؟ وفي رأيي ونظري أن هذه المراجعة مهمة جداً، مهمة حتى نتربي علي القراءة الناقدة البصيرة فلا نرفض أو نقبل إلا بعد تأمل ونظر فإننا نجد كثيرا من القراء تعودوا علي أحد أمرين:
*1* إما أن يقبل بدون نظر ولا تأمل، ( حسب الثقة)
*2* أو يرد أيضا بدون نظر ولا تأمل.
فمنهم من إذا أعجب بشخص أو مؤلف أو كاتب أو عالم فإنه يعتبر نفسه كالميت بين يدي مغسله ليس له رأي ولا نظر ولا اختيار، فيقبل منه ما جاء به دون نظر أو مراجعة.
وعلي النقيض من ذلك تجد طائفة من القراء إذا صار عنده توقف في شخص أو عدم قناعة في فكره فإنه يرفض كل ما جاء به حتى لو كان ما جاء به هذا المؤلف أو الكاتب حقا.
"وكلا طرفي قصد الأمور ذميم"


* والواقع أن القارئ ينبغي أن يعود نفسه علي القراءة الناقدة البصيرة، فلا يرفض ولا يقبل إلا بعد تأمل ونظر ودراسة، ومثل هذه المراجعات تربي القارئ تربية عملية واقعية علي طريقة التعامل مع هذه الكتب وما فيها من أفكار وآراء، كذلك فإن المراجعة- بالذات- للشيخ الغزالي أمر طبيعي، لأنه هو نفسه يؤمن- ولو نظريا علي الأقل- بالحوار الهادئ الهادف، ويرفض التقليد الأعمي حتى للمجتهدين الكبار القدامي، وقد كتب في كتبه نقدا لهذا التقليد. وفي حواره مع مجلة الشرق قال - إنه يدعو إلي سعة الأفق العلمي وسعة الأفق الخلقي..
فأما سعة الأفق العلمي فهي تجعل القارئ والمتلقي قادراً علي مناقشة هذه الآراء وأخذ ما يناسب منها وترك ما هو ضد ذلك برحابه صدر وسعة أفق، وأما سعة الأفق الخلقي فهي تضمن للمخالف أن يحترم مخالفة في الرأي فلا تطيش سهامه، فينتقصه أو يحط من قدره أو يرميه بتهم لا يملك دليلا عليها، بل يحفظ له قدره وكرامته وإن خالفه في الرأي ما دامت المسألة مسألة رأي واجتهاد، ولذلك فإن من الوفاء لهذا المنهج الشرعي الصحيح أن تناقش الآراء وفق مسلك صائب.


* ومن هذا المنطلق جاءت هذه ( المراجعات للفكر الإسلامي المعاصر) وكان هذا (الحوار الهادئ مع محمد الغزالي).

إن بعضهم يقول: لماذا الغزالي بالذات؟ كل إنسان له اخطاء.. والغزالي فعل وفعل .. وآخر يقول : لماذا هو الهدوء في المناقشة؟ لقد اعطيت الغزالي فوق ما يستحق.
وأقول : لا شك أن كل ابن ادم خطاء، وللغزالي جهود مشكورة أشرت إليها، وأسأل الله أن يعامله بفضله، ويعفو عنا وعنه.


* ولا شك أن الغزالي - أيضاً- قال كلاما شديدا جارحا مثيرا للغضب والانفعال، وتكلم في مسائل عديدة بما يخالف الرأي المستقر لدي الأمة كلها أو جلها.

ولكني آثرت النبرة الهادئة- قدر المستطاع- و حاولت البعد عن مقابلة الخطأ بمثله،وفي ظني أن المهم هو قوة الحجة، وليس المهم هو الضجيج والصياح( فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
وإنني أرحب بكل ملاحظة أو نقد، يصدر عن روية ونظر، وليس عن تعصب أو هوى أو إنفعال.
والله الهادي إلي سواء السبيل.

المؤلف
القصيم - بريدة - ص.ب2782
5/11/1409هـ
الفصــل الأول
الشيخ سلمان بن فهد العـودة

فهـرس الكــتـاب


عنــاصر الفصل الأول
صــلة الشيخ الغزالي بالمدرسة العقليـّـة المعـاصرة
معالم المدرسة العقليـة
جوانب الاختلاف بين الغزالي والمدرسة العقلية
جوانب الاتفاق بين الغزالي والمدرسة العقلية


صــلة الشيخ الغزالي بالمدرسة العقليـّـة المعـاصرة
كثير من القراء الذين أتيح لهم الإطلاع علي ما كتبه الشيخ الغزالي أو بعضه يتساءلون: إلي أي مدرسة ينتمي الشيخ الغزالي؟ ما هي المنطلقات والأسس الفكرية التي ينطلق منها، فكان لابد من الحديث عن هذا الموضوع.

خاصة وأن مثل هذه الدراسة تمنح القارئ روية وأناة تجاه اطروحات الشيخ، إذ أن القارئ حين يعترض علي الأصول والأسس، فإن من المنطقي ألا يوافق علي الجزئيات المنبثقة من تلك الأصول.

*إن من الواضح أن الشيخ يحاول ألا يحشر نفسه في إطار معين ويحاول أن ينتقي من الآراء ما يعتقد أو يرى أنه أحري بالقبول، إما لقوة الدليل، أو لملائمة الواقع، أو لأي سبب آخر، ومع ذلك فإن من الممكن، من خلال استعراضي ومعايشتي لمعظم ما كتبه الشيخ من كتب- رسم الإطار العام الذي يتحرك فيه.
كثيرون من الناس يعتبرون الغزالي من اتباع المدرسة العقلية، ويصنفونه "فقهيا" في مدرسة الرأي فما مدى دقة هذا الحكم؟
معالم المدرسة العقليـة
* إن المدرسة العقلية اسم يطلق علي ذلك التوجه الفكري الذي يسعي إلي التوفيق بين نصوص الشرع وبين الحضارة الغربية والفكر الغربي المعاصر، وذلك بتطويع النصوص وتأويلها تأويلا جديدا يتلائم مع المفاهيم المستقرة لدي الغربيين، ومع إنفجار المعلومات والاكتشافات الصناعية الهائلة في هذا العصر، وتتفاوت رموز تلك المدرسة تفاوتاً كبيراً في موقفها من النص الشرعي، ولكنها في الإسراف في تأويل النصوص، سواء كانت نصوص العقيدة، أو نصوص الأحكام، أو الأخبار المحضة، وفي رد ما يستعصي من تلك النصوص علي التأويل.


* أبرز معالم المدرسة العقلية المعاصرة:-


1- رد السنة النبوية كليا أو جزئياً، فمنهم من يردها مطلقا، ومنهم من يقبل المتواتر العملي فقط ومنهم من يقبل المتواتر مطلقاً عمليا كان أو قولياً. أما حديث الآحاد- والمقصود بحديث الآحاد ما لم يبلغ حد التواتر كأن يروى من طريق واحد أو من طريقين فقط أو ما أشبه ذلك دون أن يصل إلي حد التواتر- فقد يقبلون منه ما يتوافق مع روح القرآن، وما يتفق مع العقل، أو التجربة البشرية، وقد يردها بعضهم مطلقاً، فلا يقبل منها شيئاً.

2- التوسع في تفسير القرآن الكريم علي ضوء العلم الحديث بكافة جوانبه، ولو أدي ذلك إلي استحداث أقوال مجانبة لتركيب الآيات القرآنية من الناحية اللغوية، وغير موافقة للمنقول عن السلف رضي الله عنهم، ومن ذلك- مثلا - أن بعضهم يؤولون الملائكة- والشياطين، والجن، والسحر، وقصة آدم، والطير الأبابيل، وغيرها مما ورد في القرآن الكريم كما هو في تفسير الشيخ ( محمد عبده) وهو من أقطاب تلك المدرسة.

3- التهوين من شأن الإجماع، إما برفضه رفضا كليا كما نجد عند " أحمد خان الهندي" وهو من أكابر رجال المدرسة العقلية، بل إن له ن الآراء ما يرفضه العقلانيون الآخرون، فهو يرفض الإجماع رفضاً كليا، ومنهم من يقيد الإجماع، كما نجد عند " محمد عبده" وغيره، حيث يضيف لتعريف الإجماع.

4- الحرية الواسعة في الاجتهاد مع غض النظر عن الشروط المطلوبة في المجتهد، ومع غض النظر ايضاً عن الأطر العامة التي يجب أن تضبط هذا الاجتهاد، ولذلك نجد أن كثيرا منهم وقعوا نتيجة لما يسمونه بـ " الاجتهاد" في آراء شاذة ومنكرة لم يقل بها أحد من قبلهم، وشجعهم علي ذلك موقفهم من الإجماع.

5- الميل إلي تضييف نطاق الغيبيات ما أمكن، وذلك تأثرا بالتيار المادي الذي يسود الحضارة المعاصرة، ومن هنا جاء إقحام العقل في المسائل الغيبية، وتأويل الملائكة والجن والشياطين.. وعند غلاة العقلانيين نجد تأويل الصلاة والزكاة والصوم والحج.

6- تناول الأحكام الشرعية العملية تناولاً يستجيب لضغوط الواقع، ومتطلباته، وذلك كقاضايا الربا، إضافة إلي قضايا " الوحدة الوطنية" التي تجمع المواطنين أيا كان دينهم، وكذلك قضايا " حرية الفكر" وغيرها. ومعالجة هذه المسائل تبدو غالبا بصورة يمكن أن تكون مقبولة لدى مفكري الأمم الأخري، ومتأثرة بالتيارات الفكرية السائدة. وتبرز مثل هذه القضايا في كتابات عدد من المفكرين، كما نجد- مثلاً- قضايا المرأة في فكر " قاسم أمين" الذي يقال إن " محمد عبده" كان وراء ما كتب حول تحرير المرأة.



* ولا يمكن تجاهل أن من بين المنتسبين لهذه المدرسة، أو المنسوبين إليها من لهم آراء سليمة في نبذة التقليد الأعمي، وفي الإصلاح الاجتماعي أو الاقتصادي، أو السياسي، أو التعليمي، أو غيرها.
إن من الطبيعي أن لا يكون هذا العرض لأصول أو معالم المدرسة العقلية مستوعباً مستوفياً وذلك خشية الإطالة، ويمكن مراجعة الكتب المتخصصة في هذا الموضوع وهي كثيرة أشير إلي أبرزها:
فمن الكتب التي تحدثت عن هذه المدرسة حديث المؤيد كتاب الشيخ " محمد البهي" الذي سماه (الفكرالإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي).


* ومن الكتب التي نقدت هذه المدرسة:
( الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية) للشيخ " أبي الحسن الندوي" و
(الفكر الإسلامي المعاصر) لغازي التوبة، فقد تحدث عن المدرسة الإصلاحية ممثلة في "محمد عبده".
وكذلك كتابات الأديب المؤرخ العالم المصري " محمد محمد حسين" - رحمه الله- وبالأخص كتاب ( الاتجاهات الوطني في الأدب المعاصر) وكتاب ( الإسلام والحضارة الغربية).
وهذه المدرسة المسماة " بالمدرسة العقلانية" وقد يسميها بعضهم " بالمدرسة العصرانية" نسبة إلي العصر الذي خضعت لظروفه وتأثرت به- تد رواقها اليوم علي عدد من المدارس، والجماعات، والأشخاص، والمعاهد، التي تهتم بالفكر الإسلامي في عدد من البلاد الإسلامية وفي بلاد أخرى، غربية في أمريكا وغيرها، ولذلك فإن من المهم استجلاء فكرة هذه المدرسة ومعرفته.


* يبرز بعد ذلك السؤال المهم، هل يمكن احتساب الشيخ " الغزالي" ضمن هذه المدرسة؟ كما يقوله البعض، أم أن الأمر ليس كذلك؟ لقد ذكر الشيخ الغزالي في كتاب- (دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين) ص 77- المدرسة الفقهية القديمة- فذكر مدرسة الرأي الممثلة في الأحناف، ثم مدرسة الأثر ممثلة بالفقهاء الآخرين الذين يتبعون الأثر والدليل النقلي، وانتقل بعد ذلك إلي مدرسة ثالثة سماها (مدرسة الموازنة والترجيح) وهي مدرسة " أبن تيمية" وتلامذته، وقد أثني الشيخ علي هذه المدرسة وبين وفاءها للأثر واستفادتها مما في مدرسة الرأي، وعلي الرغم من أن هذه المدراس "فقهية" حسب ما ذكر المؤلف، إلا أنه عقب بذكر المدراس الحديثة فذكر:

اولاً : مدرسة معاصرة أشبه ما تكون بأنها امتداد لمدرسة الأثر، وقال: إنه يمثلها الشوكاني، والصنعاني، وصديق حسن خان، وسيد سابق، والألباني، وأقصي ما استطاع أن يصف به هذه المدرسة أنه قال ( إنهم احسن تصويرا للإسلام من مؤلفي المتون المذهبية)!!
ثم قال في - ص85- ( وهناك مدرسة أخرى أقرب إلي مدرسة ألرأي وإن كان عنوانها سلفيا هي مدرسة الشيخ محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا ويتبعهم الشيخ محمود شلتوت، ومحمد عبد الله دراز، ومحمد البهي، ومحمد المدني، وقبلهم الشيخ المحقق محمد الخضري، ومنهم الشيخ محمد أبو زهرة) قال الشيخ الغزالي:
(هذه المدرسة لها ملامح بينه فهي وإن قامت علي النقل إلا أنها تروج للعقل وتقدم دليله وترى العقل أصلاً للنقل، وهي تقدم الكتاب علي السنة وتجعل ايماءات الكتاب أولي بالأخذ من أحاديث الآحاد، وهي ترفض مبدأ النسخ وتنكر إنكاراً حاسماً أن يكون في القرآن نص انتهي امده، وترى المذهبية فكرا إسلاميً قد ينتفع به لكنه غير ملزم ومن ثم فهي تنكر التقليد الأعمي وتحترم علم الأئمة وتعمل علي أن يسود الإسلام العالم بعقائده وقيمه الأساسية ولا تلقي بالا إلي مقالات الفرق والمذاهب القديمة أو الحديث، وقد حاولت هذه المدرسة أن تقود الأزهر وتفرض وجهتها علي المسلمين ولكن التيارات العاصفة كانت أقوى منها فوقفتها أو جرفتها).
الشيخ يلخص بهذه الكلمات أبرز معالم تلك المدرسة.

ولا يخفي الشيخ ميله إلي مدرسة الرأي القديمة- مدرسة أبي حنيفه واصحابه.
فهو يقول عنهم : ( إنهم أهل الفحوى والتأمل العميق)- كما في " دستور الوحدة" ص 79- ( وهي تجمع بين نصوص كثيرة وترجح ما ترى أنه الأصوب في نظرها) هكذا يقول عن مدرسة الرأي القديمة.

* وفي كتاب " السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" ص 24.
يقول " ( وقد كان الفقهاء علي امتداد تاريخنا العلمي هم القادة الموثقين للأمة الذين أسلمت لهم زمامها عن رضي وطمأنينة وقنع أهل الحديث بتقديم ما يتناقلون من آثار كما تقدم مواد البناء للمهندس الذي يبني الدار ويرفع الشرفات). وفيما يبدو فإن الفقهاء في هذا النص هم " أهم الرأي" أما أهل الحديث فهذا اللفظ يشمل مالكا، والشافعي، واحمد، فضلا عن غيرهم من أئمة الحديث كالطبري والأوزاعي والثوري وداود والليث وأبي ثور وسواهم.
وقد صرح الشيخ في "دستور الوحدة" بأن مصطلح أهل الحديث يشمل الثلاثة !


* وبهذا يبدو ميل الشيخ إلي مدرسة الرأي، وإن لم يكن ميلا مطلقاً فهو ينكر عليهم في دستور الوحدة رأيهم في الخمر وأنها من العنب فقط، كما ينكر عليهم احتكارهم لمنصب القضاء في الدولة العباسية ثم العثمانية (أنظر: ص 130 -131 وص 94، وص 81).
وسواء كان ما توصلت إليه صحيحاً أم ليس بصحيح فإن مسألة المذهب الفقهي مسألة هينة، لا تقدم ولا تؤخر ما دام التعصب والتقليد الأعمي مستبعدا.
لكن الأمر المهم هو معرفة " المدرسة الفكرية" التي تحكم اطروحات الغزالي.
فلقد تحدث عن تلك المدرسة المعاصرة ذات " العنوان السلفي" و " المضمون العقلي( )" وأفاض- نسبيا- في عرض اصولها وإيجابياتها.. فهل ذلك أنه يمكن احتساب الغزالي ضمن رجال المدرسة العقلية هذه؟؟


* لابد - قبل الإجابة علي هذا السؤال- من الإشارة إلي نقطتين أراهما مهمتين:


الأولي :
أن الشيخ الغزالي مر - كغيره- بمراحل فكرية عديدة ولذلك فكتبه القديمة تختلف عن كتبه الجديدة شكلاً ومضمونا، إن من الكتب الرائعة للشيخ كتاب " ليس من الإسلام" وقد وضعت يدي علي قلبي وأنا أتصفح الكتاب حذرا وخوفا مما وراء هذا العنوان - ليس من الإسلام!- ولكنني حين تصفحت الكتاب وجدته كتابا جيداً واضح العرض هائد النبرات، وأصدقكم القول أنني رجعت أقرأ العنوان من جديد وأقرأ اسم المؤلف فقد خيل إلي أن الكتاب لمؤلف آخر غير الغزالي هذا مع أن الكتاب لا يسلم من ملاحظات، من أبرزها كلامه عن الرافضة حين يقرر أنهم لا يختلفون عن أهل السنة في الأصول ولا في الفروع إضافة إلي ملاحظات جزئية يمر شيئ منها.
* لكنه يطرح في الكتاب آراء قيمة ناضجة، من أبرزها كلامه عن البدعة، فقد تكلم عن البدع كلاما قيما نفسيا وذكر نماذج لها وأطال النفس فيها، هذا الكتاب ليس الكتاب الوحيد من كتب الشيخ الجيدة فله كتب أخرى كثيرة لكن غالب كتبه التي يمكن ان يقال عنها إنها جيدة هي الكتب التي لم يتعرض فيها لتلك المسائل والقضايا العلمية والعقدية والفقهية، بل يتحدث فيها عن جوانب التربية والتهذيب والأخلاق، ككتاب " خلق المسلم" وكتاب " فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء" وكتاب " جدد حياتك" .. ألخ.
هذه الكتب أصلا لا تتعرض للقضايا العقلية والواقعية التي يكثر فيها الجدل ولذلك كانت اسلم وأبعد عن الخطأ والكتاب الذي ذكرته علي كل حال هو انموذج.

* أما أطروحات الشيخ الأخيرة فهي التي تمثل " المرحلة الجديدة" المتميزة من فكره وهي تتمثل في عدد غير قليل من الكتب، من أبرزها " دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين"، وكتاب " السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" وكتاب " مائة سؤال حول الإسلام" وهو في جزئين، وكتاب " هموم داعية" وكتاب " مشكلات في طريق الحياة الإسلامية، وكتاب " الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر" وكتاب " مستقبل الإسلام خارج أرضه وكيف نفكر فيه"، وكتاب " سر تأخر العرب والمسلمين".
هذه أبرز الكتب التي أذكرها الآن والتي طرح الشيخ فيها آراءه الجديدة المثيرة.


الثانية :
ضرورة عرض جوانب الاتفاق وجوانب الاختلاف بين الشيخ وبين المدرسة العقلية بالتفصيل حتى يتسني لنا الحكم بإنصاف ودقة وتحر عن مدى قرب الشيخ أو بعده من تلك المدرسة ولذلك فإنني سوف اعرض جوانب الاختلاف أولاً لأنني أري هذا أقرب للإنصاف، ثم انتقل إلي جوانب الاتفاق.
جوانب الاختلاف بين الغزالي والمدرسة العقلية
جوانب الاختلاف كثيرة .. ومن أبرزها:


اولاً : العقل:

العقل عند الشيخ الغزالي له مجال يعمل فيه، وهو المجال الكوني والأمور الدنيوية البحته من زراعة وتجارة وصناعة وطب ونحوها، اما مجال العلاقات الإنسانية التي تحكم الجنس البشري في حياته علي ظهر الأرض فإن الكلمة فيها لشرائع السماء وحدها كما يقول الشيخ في كتابه " دفاع عن العقيدة والشريعة" ص 121 ويضيف الشيخ ( أما ما لا شك في أن الدين منفرد بالحكم في جملته وتفصيله فهو ميدان العقائد والعبادات) ويضيف ( أن العقل النظيف منته حتما إلي أن الله حق وإنه متصف بكل كمال ومستحق لكل خضوع ولكن الحديث عن الله وصفاته مرجعه إلي الله وحده وتعرف ضروب العبادات الواجبه لا يكون إلا عن طريق الوحي ومعني هذا في جلاء أن نشاط التفكير الإنساني فيما وراء المادة باطل، وكذلك نشاطه في اختراع مراسم وصور لطاعة الله، وحري به أن ينشط حيث امتداد سعيه منتج، وأن يقنع بعد بتلقي ما تولت السماء تعليمه) أ.هـ.
هذا هو " الإطار العام" الذي يتحرك فيه العقل- عند الغزالي- وهو مسلم لا اعتراض عليه- من الناحية النظرية، وإن كان كلاما مقتضيا تغلب عليه العمومية.

* ولكن من الناحية العملية الجزئية فإن الشيخ لم يحدد موقع العقل من النقل بصفة واضحة يمكن من خلالها معرفة منهجه الفكري، وهل هو يقدم دليله، ويراه اصلا للنقل- كما ينقل عن المدرسة العقلية؟! أم أنه يقصر دور العقل مع النقل علي مجرد الفهم والتسليم والانقياد؟
وما دور العقل في القضايا الغيبية التي جاء بها الوحي ولا سبيل للعقل إلي معرفتها؟ وما مجاله في الأحكام التفصيلية؟.. إلي غير ذلك من الأسئلة التي بقيت حائرة لا جواب لها..
هذا بالإضافة إلي أن الشيخ اقحم العقل في مسائل كثيرة جدا ليست داخلة ضمن "الإطار" الذي حدده للعقل- المجال الكوني والأمور الدنيوية البحته.
فمثلاً : قضايا المرأة، قضايا العقيدة، قضايا الأحكام الشرعية المنظمة لحياة الفرد والمجتمع المبينه عن الحلال والحرام.
كل ذلك - وغيره- نجد ثمت شطحات بدعوى العقلانية، وهي علاقنية فرد واحد إن قبلها عشرة فقد يرفضها مائة، وإن جاز لنا تحكيم العقل هنا فأي عقل؟ عقلي أو عقلك أو عقل الغزالي؟ ولذا سنجد - تفصيلا - أن ثمة مسائلة عديدة استساغها الغزالي- عقلا- ونقضها غير بالحجة العقلية؟ ولذا حفظ عن بعض السلف( من جعل دينه عرضه للخصومات اكثر التنقل) أو ( كلما جاءنا رجل هو أجدل من رجل تركنا ديننا لقول فلان؟).
كما أنه يمكن القول بأن هذه ( الجزئيات) الكثيرة التي حوكمت- عقلا- عند الغزالي لا يمكن أن تسبك في منظومه منهجية، بل هي (متفرقات) لا يحكمها حاكم، ولا يجمع شتاتها جامع.


ثانياً : التأويل :

نظراً لهذا الموقع الذي يحتله العقل عند الشيخ، وهو - إجمالاً - أقل من موقع العقل عند أصحاب المدرسة العقلية- فيما يبدو- فإن الشيخ يظهر غالباً وكأنه أقل إسرافا في التأويل من بقية العقلانيين، سواء في نصوص العقيدة أو في نصوص الأحكام، فهو - مثلاً في نصوص العقيدة أو في نصوص الأحكام، فهو - مثلا- في كتاب " عقيدة المسلم" ص 45 ذكر ما ورد في الوحي من إثبات الوجه لله واليدين والأعين والاستواء علي العرش والنزول إلي السماء والقرب من العباد، وانتقد أصحاب المسالك الكلامية من أمثال ذلك الرجل الذي يقول:
نهاية إقدام العقول عقال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا
ولم نستفد من كدنا طول عمرنا
وكم من جبال قد علا شرفاتها
وأكثر سعي العالمين ضلال
وغاية دنيانا أذي ووبال
سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
رجال فبادوا والجبال جبال

ويقول الشيخ: ( وعلي ذلك فكل ما قطعنا بثبوته في كتاب الله أو في سنة رسوله eمما وصف الله به نفسه واسنده إلي ذاته قبلناه علي العين والرأس ولا نتعسف له تأويلا.. إلخ).
وفي (ص47) من الكتاب نفسه يقول : ( وانا شخصياً أوثر مذهب السلف وأرفض أن يشتغل العقل الإسلامي بالبحث المضني فيما وراء المادة وأرتضي قبول الآيات والأحاديث التي تضمنت اوصافاً لله جل شأنه دون تأويل).

* وكذلك أثبت الشيخ كثيرا من اسماء الله وصفاته دون تأويل وإن كان في موقفه شيئ من التذبذب والإضطراب تأتي الإشارة إليه، ولذلك كانت عقيدة الشيخ في الملائكة والجن والشياطين بعيدة عن التأويل والتعسف الذي وقع فيه "محمد عبده" أو غيره من أقطاب المدرسة العقلية، كما نجد ذلك في كتاب (مائة سؤال عن الإسلام) للغزالي (2/112-119).

* كذلك نجد أنه أثبت قضايا أنكرها كثير من العقلانين، وذلك كنزول عيسي بن مريم عليه السلام في آخر الزمان وظهور الدجال وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، كما في (عقيدة المسلمم)( صد 265)، وانظر - ايضاً- كتاب ( السنة النبوية)( ص 122-124).


ثالثاً : الأحكام الشرعية العملية:

ما سبق يتعلق بنصوص العقيدة:

* أما في مجال الأحكام الشرعية العملية، فإن الشيخ الغزالي أبرز أهمية النصر وضرورة الوقوف عنده، ففي كتاب ( دستور الوحدة) وتحت عنوان - بين النص والمصلحة- (ص44-47) ذكر الشيخ ما نسب إلي عمر رضي الله عنه من أنه ألغي بعض النصوص أو علي الأقل أوقف العمل بها لأنه رأي المصلحة في ذلك وعقب بقوله: ( وهذا كلام خطير معناه أن النص السماوي قد يخالف المصلحة العامة وأن البشر لهم - والحالة هذه- أن يخرجوا عليه ويعدموه كلا المعنيين كاذب مرفوض، فلا يوجد نص إلهي ضد المصلحة، ولا يوجد بشر يملك إلغاء النص) ثم شرع يجيب علي الأمثلة المطروحة كمنع عمر سهم المؤلفة قلوبهم، وعدم إقامة حد السرقة عام المجاعة، ومنعه الزواج بالكتابيات، وقال: ( إن نصوص العبادات والمعاملات سواء في ضرورة الاحترام والإنفاذ) أ.هـ.

* ولقد كان الشيخ واضحا اكثر في كتابه ( كيف نفهم الإسلام) حيث يقول ضمن سياق جيد (ص 183) : ( والعقائد والعبادات والأخلاق والأحكام والحدود هي هداية الله لخلقه وكل محاولة للبتر أو للإضافة أو التحوير هي خروج عن الإسلام، وافتراء علي الله وافتيات علي الناس وتهجم علي الحق بغير علم، وليس يقبل من أحد بته أن يقول هذا نص فات أوانه، أو هذا حكم انقضت أيامه، أو إن الحياة قد بلغت طورا يقتضي ترك كذا من الأحكام، أو التجاوز عن كذا من الشرائع، فهذه كلها محاولات لهدم الإسلام وإعادة الجاهلية، فلنعلم أن تجديد الدين لا يعني إرتكاب شيئ من هذه المحاولات المنكورة ولم يفهم أحد من العلماء الأولين أو الآخرين أن تجديد الدين يعني تسويغ البدع ومطاوعة الرغبات وإتاحة العبث بالنصوص والأصول لكل متهجم، غير أن عصابة من الناس درجت في هذه الأيام علي إثارة لغط غريب حول إمكان ما يسمونه تطوير الدين وجعل احكامه ملائمة للعصر الحديث) أ.هـ.

* ومن هذا المنطلق نجد مخالفة الشيخ لرجال المدرسة العقلية في العديد من المسائل الفقهية ففي (دستور الوحدة الثقافية)( ص 86) ينتقد الشيخ الغزالي تبرم " محمد أبي زهرة" بحد الرجم لأنه ذكر أن " أبا زهرة" أنكر حد الرجم وقال الشيخ الغزالي " ( ولم أر من قال ذلك- يعني إلغاء حد الرجم- إلا نفر من المعتزلة والخوارج، وجمهور المسلمين ضد هذا الرأي).
وكذلك في (ص 86) قال الغزالي: ( وفي فتاوى الشيخ "محمود شلتوت" ما يحتاج إلي مراجعة).

* وكذلك في كتاب ( الإسلام والمناهج الإشتراكية) للغزالي، تحدث عن التأمين بأنواعه وقال إنه حرام ورد علي من أفتوا بجوازه، وذكر ذلك في (ص129-133) ولهذا فلا غرابة حين تحدث الغزالي عن "حسن البنا" في كتاب ( دستور الوحدة الثقافية)( صد 605) فقال : ( ووقف " حسن البناء" علي منهج " محمد عبده" وتلميذه صاحب المنار الشيخ " محمد رشيد رضا" ووقع بينه وبين الأخير حوار مهذب ومع إعجابه بالقدرة العلمية للشيخ " رشيد" وإفادته منها فقد أبي التورط فيما تورط فيه)- يعني أن البنا لم يتورط فيما تورط فيه رشيد رضا-!

* هذه أبرز الجوانب التي خالف فيها الغزالي المدرسة العقلانية وربما لو اقتصر الإنسان علي سماع هذا القدر فقط من الكلام لقال إن الذين ينسبون الغزالي إلي المدرسة العقلانية ظالمون ومخطئون، ولكن الحكم أو القاضي ينبغي إلا يسارع في الحكم حتي يسمع كلام الخصم الآخر.
جوانب الاتفاق بين الغزالي والمدرسة العقلية
وهي عديدة - أيضاً- وكثيرة .. منها:


اولاً : ( أحاديث الآحاد)

رده لحديث الآحاد إذا خالف إيماءات القرآن الكريم - كما يعبر الشيخ- وكذلك عدم إثباته العقائد بحديث الآحاد، وسوف ابحث هذه المسألة علي إنفراد.


ثانياً : ( الإجماع)

شارك الغزالي المدرسة العقلانية في تقييد الإجماع وتحديد النطاق الذي يعمل فيه علي نحو ما رآخ الشيخ " محمد عبده" فهو يرى أن الإجماع" ( هو اتفاق أهل الحل والعقد وهم العلماء والأمراء والسلاطين والقواد ومن في منزلتهم من المسلمين علي أمر من الأمور المتعلقة بالمصالح العامة، وهي التي لأولي الأمر سلطة فيها ووقوف عليها).
وهذا التفسير للإجماع يضيف قيودا جديدة سوف تظهر أثناء الحديث وقد صرح الغزالي بأن هذا رأية في كتاب ( ليس من الإسلام) ( ص 58-59). وفي كتاب (مائة سؤال 2/3) أشار الغزالي إلي أمر جديد وهو أن هذا الإجماع الذي أقره إذا حدث ما يستوجب النظر فيه فهو يمكن أن ينسخ بإجماع آخر من أهل الذكر ومن أصحاب الحل والعقد، ونقل كلاما بهذا المعني " لمحمود شلتوت" ثم ضرب المثال التالي، قال : ( إنني أود لو كتب المصحف بالإملاء المعهود لا بالرسم العثماني ولكني لا أبيح لنفسي نشر مصحف بهذا الإملاء شاقا الإجماع السائد، إذا اجتمع اهل الذكر في الأمة علي ترك الرسم القديم وإثبات الإملاء الجديد فيها، وإلا فكتابه المصحف باقية علي ماهي عليه) أ.هـ.

*إذا أصحاب المدرسة العقلية يضيفون إلي الإجماع قيودا:
القيد الأول:
أنهم يعتبرونه ليس إجماع العلماء فقط بل إجماع العلماء مع أهل الحل والعقد الذين بيدهم الأمور ولهم السلطان وهم ( أولو الأمر).

القيد الثاني:
إن الإجماع عندهم يتعلق بالمصالح العامة فقط التي تتعلق بأمور الناس ولا يتعلق بتفاصيل الأحكام الشرعية وينبغي أن أشير إلي أن الغزالي - أيضاً- ذكر في كتابه (مائة سؤال) نوعا آخر من الإجماع، لكني لم أشر إليه لأنه لا معني لعده إجماعاً فهو يقول إن القسم الثاني من الإجماع وهو الأول في الترتيب عنده - هو الإجماع علي حكم شرعي مستفاد بطريق القطع من كتاب الله تعالي أو من سنه رسوله e .. ويستوى في هذا النص أن يكون من الكتاب أو من السنة ما دامت دلالته قاطعة (ص3).


* فالقسم الثاني من الإجماع هو اتفاق الأمة علي مضمون نص ثبت ثبوتاً قطعياً من القرآن أو من السنة، يعني: حكم أو عقيدة ثبتت بالنص القطعي من القرآن أو من السنة، وهذا الأمر عده إجماعاً لا يقدم ولا يؤخر، لأنه ثابت بالنص القطعي، فلا يحتاج بعد ذلك إلي الإجماع، إلا دليلا مساندا، كما يقال: هذا الأمر ثبت بالكتاب والسنة والإجماع، الغريب أن منهج الشيخ لا يطرد في هذه المسألة شأنه في ذلك شأن مسائل كثيرة لم تسلم من التناقض فهو يقول في كتاب (دستور الوحدة ص 56): ( إن المتفق لعيه كثير جداً وإن التشبث به وحده كاف في النجاة، فالإيمان بالله ولقاءه والسمع والطاعة فيما جاء عنه وأداء الأركان المجمع عليها في ميدان العبادات وترك المعاصي المجمع عليها في ميدان المحظورات وبناء النفوس علي مكارم الأخلاق يقيم أمة لها مكانتها في الدنيا والآخرة).


* وهذا أوسع مما صور عليه الإجماع، وأغرب من ذلك أنه في كتاب (ليس من الإسلام ص61) نقل قول الإمام " أبي إسحاق الأسفراييني" قال - الأسفراييني-: ( نحن نعلم أن مسائل الإجماع أكثر من عشرين ألف مسألة).
ما هي مسائل الإجماع التي هي أكثر من عشرين ألف مسألة؟ هلي هي مسائل قطعية مما يتعلق بالمصالح العامة اتفقت عليها كلمة العلماء والسلاطين؟ ولا شك أن الجواب لا.
ثم يقول - الغزالي - بعدما نقل كلام " الأسفراييني" قال : ( والواقع أن متابعة الإجماع في الأمور التي وقع الاتفاق عليها أولي بالعقلاء وأدعي إلي وحدة الأمة، ما قيمة الخلاف في أمور غيبية؟ ما جدوى شق العصا في شئون العبادات؟ ما معني الشذوذ في فهم نص أجمع الأئمة علي معنى واحد أو معان محدودة له).
وكذلك ندرك أن الغزالي ذهب إلي مدى أبعد في الإجماع في النص الأخير، فلو وجدنا نصا أختلف العلماء في فهمه علي ثلاثة أقولا لكان معنى الكلمة الأخيرة للغزالي أنه لا يجوز لنا إحداث قول رابع في فهم هذا النص، وهذا معني جديد ليس داخلا في تعريف الإجماع الذي أختاره!

* وفي الجانب التفصيلي فقد ناقض الشيخ الإجماع في صورة المختلفة في مسائل كثيرة، من أبرزها، رأية في دية المراة، رأية في توليها السلطة، رأية في الحجاب ( غطاء الوجه)( )، رأية في الغناء.


ثالثاً : ( الغيبيات)
فيما يتعلق بالغيبيات وتضييق نطاقها، وسيأتي بيان مسلك الشيخ في إثبات الملائكة والجن والشياطين والإيمان بأشراط الساعة المخالفة لمعهود الناس، كالدجال، والدابة وطلوع الشمس من مغربها.

* يبقي أن نذكر أن الشيخ يضيق ببعض القضايا الغيبية ويسارع لإنكارها تجاوبا مع ما يسمي في العصر الحاضر بالعلم التجريبي، ولذلك يقول في كتاب ( هموم داعية ص 4) ( وفي عالم يحترم التجربة ويتبع البرهان نصور الدين كغيبيات مستوردة من عالم الجن وتهاويل مبتوته الصلة بعالم الشهادة). وفي هذا النصر تبرم وضيق من التوسع في الغيبيات في مجال الجن وغيرها، وكأن الشيخ في هذه العبارة يشير إلي قضية المس - مس الجني وتلبسه بالأنسي- وهي قضية صرح بإنكارها والسخرية بمن يقول بها في كتاب (السنة النبوية ص 92): وسيأتي الحديث عنها في الفصل الخاص بنقد ذلك الكتاب.
وربما قصد أمورا اخرى وراء ذلك تتعلق بالجن غير مسألة المس مثل تفاصيل اخبار الجن و أحوالهم في السنة المظهرة.

* فقد جاءت السنة بتفاصيل عديدة في الجن وطعامهم ولقائهم للنبي eو وأخذهم عنه وطعام حيواناتهم وبعض الأخبار الثابتة عنهم، ولذلك فإن الشيخ أنكر في كتاب (فقه السيرة) خبر أسماء في الهجرة والذي فيه أنهم سمعوا في مكة صائحاً يصيح لا يدرون من هو يقول بعد هجرة النبي :
جزى الله رب الناس خير جزائه
هما نزلا بالبر ثم تروحا
ليهن بني كعب مكان فتاتهم
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
فأفلح من أمسي رفيق محمد
ومقعدها للمؤمنين بمرض
ويقول الشيخ (إن الراجح أن الأبيات من إنشاد مؤمن يكتم إيمانه بمكة ويتسمع أخبار المهاجرين.. إلخ ص 179).

* ومن هذا المنطلق - أيضاً- منطلق تضييق نطاق بعض الغيبيات رفض الشيخ- ونستخدم أسلوبه في الرفض- حديث الكلب الأسود شيطان وهو في صحيح مسلم، وقال في كتاب (هموم داعية ص22) ( والذي رفضته أن يتصدى أحد أولئك المبطلين لعلم الأحياء ويهاجم مقرراته ليقول إن الكلب الأسود شيطان وليس كلبا كبقية بني جنسه- يعني بني جنس الكلاب-).

* فالشيخ ينكر ذلك ولا شك أن الذي قال الكلب الأسود شيطان هو الرسول، وذلك المتحدث الذي أشار إليه الشيخ إنما يردد ما قاله النبي وقد ثبت ذلك بالإسناد الصحيح عنه.
يقول الشيخ الغزالي: ( قلت : حديث رفض العمل به جمهور الفقهاء لوم يروه البخاري وهو يعالج الموضوع، ندخل به معركة ضد العلم باسم الإسلام والمسلمين).

* هنا ندرك ضغط ما يسمي بالعلم والعلم التجريبي علي عقول كثير من المفكرين الإسلاميين في هذا العصر- ندخل معركة ضد العلم باسم الإسلام من أجل هذا الحديث! ولذلك يرفض الحديث، وأقول إذا لم يكن لدي الشيخ استعداد لخوض معركة حول الكلب الأسود فلا شك أن لديه استعدادا لخوض المعركة حول إثبات الشياطين، والجن، والملائكة وهي قضايا غيبية تستعصي علي العلم التجريبي ولا يمكن للجن أن يحضروا إلي مختبر أو يشاهدوا بمكبرات أو تلسكوبات وهي قضايا يسخر منها الماديون أيضا، وليس لها وجود مشهود في عالم الناس. فأني لنا أن نقنع أصحاب التفكير المادي التجريبي من الشرق أو الغرب بهذه القضايا، فلو أننا انسقنا وراء هذا الشعور لكنا مضطرين إلي التراجع خطوات أخرى إلي الوراء، ولو فرض أننا استطعنا إقناعهم بذلك وأقنتعوا بالملائكة، والجن، والشياطين، فأي صعوبة بعد ذلك أن يقتنع الإنسان بأن الشيطان يمكن أن يتلبس أو يتمثل في حيوان أسود بهيم؟ لا صعوبة في ذلك.

* وفي هذا الإطار أيضاً يأتي تأويل الشيخ لشق الصدر- شق صدر النبي - والذي ثبت مرتين كما في السنة النبوية الصحيحة ففي كتاب (فقه السيرة ص 64) يقول: ( لو كان اشر إفراز غدة في الجسم ينحسم بانحسامها لقلنا إن ظواهر الآثار مقصودة)، يعني أن الملك استخرج علقه من قلب النبيe ( ولكن أمر الخير والشر أبعد من ذلك بل البديهي أنه في الناحية الروحنية في الإنسان ألصق، شيئ واحد نستطيع استنتاجه من هذه الآثار أن بشرا ممتازا كمحمد لا تدع العناية غرضا للوساوس الصغيرة.. إلخ).
فيؤول شق الصدر تأويلا سبق إليه بطبيعة الحال الشيخ " محمد رشيد رضا" غفر الله للجمعي، ويدخل العقل في هذه القضايا التي صرح هو بأنه لا مدخل للعقل فيها، ولا داعي للخلاف حولها.

* وكذلك نجد الشيخ الغزالي في أكثر من موضع من كتبه يعلق علي الكرامات وشيوعها وانتشرها ويسخر من أولئك الذين أدخلوا الكرامات والإيمان بها ضمن العقائد، وإن كان يصرح بأنه لا ينكرها جملة وتفصيلا لكن عباراته في الهجوم علي الكرامات والقائلين بها شديدة جدا، ومن ذلك - أيضاً- إنكاره لسحر النبي صلى الله عليه وسلم موافقاً في ذلك الشيخ " محمد عبده" حيث اعتبر السحر تخييلا كما يفهم من القرآن الكريم فيما يظنون وذلك في كتاب ( الإسلام والطاقات المعطلة ص 94).



رابعاً : الأحكام العملية التفصيلية :

فيما يتعلق بقضية الأحكام العملية التفصيلية.. وهي قضية قد نقف عندها بعض الشئ، فقد اعتنق الشيخ عددا غير قليل من الآراء الضعيفة والمرجوحة والشاذة وآراء أخرى لم يقل بها أحد من قبل، وسأشير إليها الآن إشارة، وأترك التفصيل لموضوعه:
ولا يخفي الشيخ أن قناعته بها إنما هي بتأثير ضغوط الواقع الجاهلي المسيطر، وهيمنة النظم والقوانين والنظريات الغربية.

* فمن ذلك محاربة الحجاب- أعني تغطية الوجه - وقد شن الشيخ عليه حملة ضارية مستغربة في أكثر من سبعين موضعاً في عدد من كتبه، حتى إن قضية الحجاب وتغطية الوجه من القضايا التي تقلق الشيخ وتقض مضجعه فهو يحشرها بمناسبة وبغير مناسبة- وسأتحدث عن ذلك في نقطة خاصة.

* ومن الآراء الغريبة التي اعتنقها أن للمرأة الحق في تولي سائر المناصب بما في ذلك المناصب العليا كرئاسة الدولة والوزارات والقضاي، كيف لا .. وهذه بلقيس .. وهذه فكتوريا .. وتاتشر .. وجولد مائير.. وغاندي!
* وحين يتحدث عن شهادة المراة يؤكد أن شهادتها في الحدود والقصاص مقبولة، ويعلل هذا الترجيح بقوله: ( ولست أحب أن أوهن ديني أمام القوانين العالمية بموقف لا يستند استنادا قويا إلي النصوص القاطعة).

* إذاً الشيخ محرج أمام القوانين العالمية، ولذلك يصر علي قبول شهادة المرأة في الحدود والقصاص.
وليس مهما ترجيح رأي علي ىخر، لكن الأكثر أهمية معرفة الدافع والمرجح. هلي يجوز أن تشكل" القوانين العالمية" ضغطاً علي حسي يجعلني أرجح قولا عل آخر مسايرة لهذه القوانين؟

* وماذا إذا لو حدث العكس فرجح الرأي المضاد لأنه يخالف ما عليه الكفار الذين أمرنا بمخالفتهم ومجانبة طريقهم وترك التشبه بهم؟ وهذا أصل عظيم تشهد له مئات النصوص!
لم نجعل ترجيحنا خاضعاً لردود فعل ومجاملات لأوضاع وقوانين غربية جاهلية؟
والقضية نفسها تبرز لدى الشيخ في حالات كثيرة تكشف عن سر توسعه في عدد من الآراء والاجتهادات التي لم تبن علي اساس شرعي متين:
في كتابه (مائة سؤال حول الإسلام 2/264) يقول:
(أريد وأنا أعرض الإسلام في بلاد أخري إلا أغير سلوكا في هذه البلاد يرى بعض فقهائنا ألا حرج فيه، فإذا كانوا يقتنون الكلاب فليفعلوا .. وإن كانوا يسمعون الموسيقي فليفعلوا.. وإن كانوا يولون النساء بعض المناصب المهمة فليفعوا..)!

* وأطرف من ذلك وأعجب أن الشيخ- غفر الله لنا وله - في (مستقبل الإسلام ص 82) تحدث عن رأية في حل ما عدا الأربع المذكورة في قوله تعالي: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما علي طاعم يطعمه إلا أن يكون ميته أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس، أو فسقا أهل لغير الله به..).

* فما عدا هذه الأربع المذكورة في الآية من الطيور والحيوانات وغيرها فهو عنده مباح، ثم قال:
( وأوصي الدعاة الذين يذهبون إلي كوريا إلا يفتوا بتحريم لحم الكلاب فالقوم يأكلونها، وليس لدينا نص يفيد الحرمة، ولا نريد أن نضع عوائق أمام كلمة التوحيد! وأصول الإسلام!).

* ألم يصرح الرسول صلى الله عليه وسلم بنجاسة ريق الكلب كما روى البخاري ومسلم ويقول: (طهور إناء احدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا أولاهن بالتراب)، إنه نجس مغلظ النجاس لا يطهر إلا بسبع غسلات، إحداها مع التراب.. فهل من المعقول أن أهدر النص من أجل سواد عيون الكوريين؟ ومجاملة لأذواقهم وشهواتهم.. إذا، كيف سيرد الشيخ علي من يقولون: إن الخنزير المحرم في عهد النبوة إنما حرم بسبب سوء تغذيته وعدم العناية به، أما اليوم فالخنازير تطعم فاخرا، ويعتني بها من الناحية الصحية فلا تحريم فيها!
كيف سيجيب الشيخ؟ خاصة وأنهم سيقولون له: لا نريد أن نضع عوائق أمام كلمة التوحيد!! وهكذا يكون التحايل علي النصوص والتلاعب بها!
المهم أنه أصبح واضحا أن الشيخ حين يرجح قولا ما، لا يرجحه لأن الدليل معه، آية أو حديثا أو استنباطا علي وفق الاصول المقررة، كلا، وإنما يرجحه لأنه لا يريد أن يوهن دينه أمام القوانين الوضعية.. أو لأنه لا يريد أن يغير شيئاً درجوا عليه وألفوه.

* وهو يدرك أنه خسر الأثنتين، فلا القوم اسلموا حين أذنا لهم بأكل لحوم الكلاب، وأعطيناهم فرصة تنصيب المرأة، ولا نحن حفظنا كرامة النصوص، ووقرنا الإجماع المستقر.. وهل يمكن أن يصدق أحد أن المانع لهؤلاء القوم من الإسلام هي هذه الجزئيات؟
إذا فلن يهتدوا أبدا، لأن ثمت جزئيات بالنص القرآني، سوف تصطدم مع قناعاتهم وواقعهم وقوانينهم، مثلا: تحريم الجنزير- وهو نص صريح- تحريم الأكل مما لم يذكر أسم الله عليه، تعدد الزوجات، نظام الطلاق، نظام الميراث..إلخ!

* هل يشترط الشيخ في النص المعارض للقوانين العالمية أن يكون (قاطعا)؟؟ إن يقول: ( ولست أحب أن أوهن ديني أمام القوانين العالمية بموقف لا يستند إستنادا قويا إلي النصوص القاطعة)!!
لا مانع أن يختلف اجتهاد أهل العلم في المسائل الفرعية بناء علي ثبوت النص أو عدم ثبوته، أو علي اختلاف الفهم، أو طريقة الجمع بين النصوص..إلخ.
أما أن ينتحل منتحل قولا غريبا لأنه يوافق القوانين العالمية، أو يوافق أمزجة الكفار المراد دعوتهم.. فهذا منهج غريب.
ولا أدري لماذا نحتاج الآن إلي نص قاطع مع أن المسألة من المسائل الفرعية- وليست الأصولية-؟ لماذا غير المؤلف منهجه وخالف أصوله؟!

* وفي هذا الإطار يأتي إصرار الشيخ علي ضرورة إخراج المرأة إلي المسجد وأن هذا هو السنة إذ كيف يجوز أن نفتي بغير ذلك في عصر تمكنت فيه المرأة من غزو الفضاء؟ وصارت تنال الدرجات العليا والجوائز الضخمة! - وهكذا منطق الشيخ-!
إنها الهزيمة النفسية أمام ضغوط الحضارة الغربية المنتصرة.

* وإذا تجاوزنا الحديث عن المراة- فله مكان آخر- وجدنا الشيخ يشن هجوما علي الحرب في سبيل نشر العقيدة وينكر أن تكون حرب قامت من أجل نشر العقيدة، فحين يتحدث عن حركة الشيخ ( محمد بن عبد الوهاب) يقول: ( إن الوسائل الرديئة هي التي هزمتها) ثم يقول ( إن الإقناع أهم من التخويف، والدليل أهدى من السيف، وأنا أريد هداية الناس لا أسرهم، ومن نظر إلي الدنيا علي أنها مغنم له إذا انتصر فهو قاطع طريق وليس داعياً إلي الله، وهو أجهل الناس بسيرة محمد وشريعته صلى الله عليه وسلم !!).

* هذا في كتاب (مائة سؤال حول الإسلام ص 2/108) ويضيف الشيخ قائلا: ( وإذا كان القتال الغبي لا مساغ له من أجل العقيدة فكيف إذا كان في سبيل نقاب يوضع علي وجه أمرأة أو غطاء يوضع علي قافية الرأس أو صورة ترسم علي ورقة إن البعض مستعد لحرب أشد من حرب داحس والغبراء من أجل هذه القضايا المحقورة!!) ومن أجل ذلك- أيضاً- رد الشيخ حديث " بعثت بالسيف بين يدي الساعة" وأنكره، وبعد أن علق تعليقا طويلا- قال :
(ولم تبدأ سياسة العصا الغليظة- يعني في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم- إلا بعد أن أوجعت عصا الأعداء جلود المؤمنين وكسرت عظامهم).

* ثم شرح الشيخ ما يدل علي أن الجهاد في الإسلام - عنده - دفاع فقط لا هجوم ثم قال: ( وأنا وغيري من المشتغلين بالدعوة الإسلامية ننظر باهتمام بالغ إلي أحوال الناس وراء دار الإسلام ننظر إلي التيارات الفكرية التي تسودهم والمذاهب الخلقية والدي
محمدابوليزيدصالح الشرقاوى
محمدابوليزيدصالح الشرقاوى
Admin

عدد المساهمات : 674
نقاط : 2332
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 02/04/2010
العمر : 72
الموقع : gohina.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى